القائمة الرئيسية

الصفحات

التقدم العلمي في القرن الماضي و في المستقبل | مستقبل التقدم العلمي | كيف تطور التقدم العلمي و إلى أين يتجه مع تكنولوجيا النانو النانو تكنولوجي

التقدم العلمي كيف كان في القرن الماضي في نهايات القرن العشرين تحديدأ و إلى أين يتجه ؟؟ يبدو أن التحديات أمامنا ستكون تحديات كبيرة جداً جداً أخشى القول أنه لم يحن حتى الوقت لنا على أن نكون مستعدين لملاقاة هذه التحديات الخطيرة و الكبيرة و نحن عندما نتكلم عن التقدم العلمي في بلاد المسلمين أو الدول النامية كما يطلقون عليها فسنجد أن الكلام محزن و مخزي في نفس الوقت لأنه لا مجال للمقارنة بيننا و بين الدول الغربية التي رعت التقدم العلمي منذ بدايته و تقوم بالإنفاق عليه بميزانيات ضخمة جداً تعجز عقولنا عن تصورها 
و في هذا الموضوع قمت بنقل بيانات و معلومات مهمة جداً عن التطور العلمي أو التقدم العلمي و كيف نما سريعاً بشكل غير مسبوق في نهايات القرن العشرين و كان نموه غير متوقع أبداً حتى للعلماء الذين دأبوا على تطوير التقنيات و الأساليب التكنولوجية 
و لذلك فإن التنبوء بما سيكون عليه العلم من تقدم و محاولة توقع النتائج لن يكون أمراً سهلاً أبداً هذا فضلاً عن أنه لن يكون ممكناً من الأساس . انظرو الآن لصناعة الهواتف و الحواسيب المحمولة و صناعة الطائرات و الصورايخ و صناعة الانترنت ستجدون أن العلم يتقدم و يتوسع في كل الاتجاهات و بشكل كبير جداً و مرعب جداً جداً لدرجة أن الشخص الذي لا يتابع يوماً بيوم ما الذي يتم اعلان اكتشافه و اختراعه كل يوم سيجد نفسه بعد مضي شهر واحد فقط قديم الثقافة و عديم الاطلاع
.
وهكذا العلم في القرن العشرين.. تعدَّدت مجالاته، واتسعت إنجازاته، حيث دخلنا فيه عصراً لن ينتهي؛ لأن العلم فيه بلا نهاية وبلا حدود، وأي مجال يدخله العلماء حاليًا يحدث ثورة علمية، لهذا يعتبر هذا القرن قرن الثورات العلمية المتلاحقة سنة وراء سنة، فقد شهد ثورات الطيران والصواريخ وغزو الفضاء والبلاستيك والترانزيستور والاتصالات والرادار والتلفزيون والكمبيوتر والاستنساخ وغيرها.
فثورة الاتصالات قلَّصت المسافات، وجعلت العالم قرية واحدة صغيرة، وطوت القطارات والطائرات والصواريخ المسافات، فنجد الإنسان ينتقل شرقًا وغربًا من أقصى المعمورة إلى أقصاها في ساعات معدودات، وثورة الهندسة الوراثية فتحت آفاقًا للبحث العلمي لمنع الأمراض التي تصيب الإنسان والحيوان والنبات، وأصبحت تضاعف من إنتاجية طعام الإنسان، ودخلنا في هذا القرن عصري الطاقة النووية والشمسية بعدما كان الإنسان يعتمد على الفحم والنفط.
وخلال القرن العشرين.. دخلنا عصر الذرة، ففي الربع الأول من هذا القرن توصل العلماء إلى أسرار الذرة ومكوناتها من خلال النظريات الذرية والنسبية وانشطار الذرة والكمية "الكوانتم"، واكتشاف تركيب الحمض النووي بالخلايا الحية وغيرها؛ مما غيَّر هذا أفكارًا قديمة، وحل مشكلات علمية استعصت علينا، وأجاب عن تساؤلات ظلت قرونًا تبحث عن إجابات لها مصداقيتها، فأصبح الكون والعالم من حولنا كتابًا مفتوحًا لم نطَّلع عليه ككل.

لقد كشفت نظريتا النسبية والكمية عن الطاقة الهائلة الكامنة في الذرة والمادة، مما أظهر للإنسان أن الكون به مخزون هائل من الطاقة الكامنة التي لا تنضب، وهذا جعل مفهومنا عن هذا الكون المترامي يتغير كليًا، ولا سيما بعدما اكتشف "أينشتين" أن الضوء هو أسرع شيء في الوجود.
وبعد إعلان "رذرفورد" عام 1911 عن تركيب الذرة.. أعقبه "طومسون" بعد عامين، وبيّن أن ثمة علاقة كيميائية بين الإلكترونات في كل ذرة، وفي نفس العام قاس العالم "موزلي" الموجات المنبعثة من الذرة معلنًا ميلاد علم الفيزياء النووية، واستطاع "جلوليو" وزوجته "أيرين كوري" تخصيب بعض الذرات وتحويلها إلى ذرات مشعة من خلال تعرفهما على النشاط الإشعاعي، لهذا نجد أن القرن العشرين تميَّز وانفرد بالأبحاث النووية التي فتتت نواة الذرة، وحولتها عام 1938 إلى إشعاعات نووية، ولا سيما بعد اكتشاف النيترون، وعندما قام "هان وشتراسمان" بتحويل النيترون إلى قذيفة شطرت نواة ذرة اليورانيوم لنصفين، وانبعثت منها كميات هائلة من الطاقة أدَّى هذا الانشطار النووي إلى صنع القنبلة النيترونية "النووية".

وفي عام 1930.. كان العلماء يعملون فرادى وبميزانيات متدنية أو كفريق بسيط، لكن الحرب العالمية الثانية جعلت الدول المتحاربة تولي للعلم والعلماء أهمية كبرى ضمن تطوير الأسلحة والتسابق لتطوير آلات الحرب بشكل غير مسبوق.
فمن خلال مشروع "منهاتن" الأمريكي.. تطورت القنبلة النووية، وهذا المشروع استوعب العلماء من شتى أنحاء أوروبا وأمريكا، وواكب هذا المشروع تطور أجهزة الرادار الوليدة، ولهذا رفع شعار "العلم لصناعة العلم" لأول مرة عام 1940، وكانت الحرب العالمية الثانية على أشدها، وفي أعقاب هذه الحرب ظهرت الحرب الباردة بين الاتحاد السوفيتي السابق والكتلة الشرقية من ناحية، وبين أمريكا والغرب من ناحية أخرى، حيث كانت سمة هذه الحرب التسابق النووي وصنع الصواريخ عابرة القارات وغزو الفضاء.

وبينما هلع العالم بعد إسقاط أمريكا قنبلتي "هيروشيما" و"ناجازاكي" في اليابان عام 1945 نجده حاليًا يأنس للأبحاث النووية التي سخرت لخدمة البشرية في مجالات شتى، سواء في الطب أم الزراعة أم الصناعة أم الفضاء، فيوجد حاليًا النظائر المشعّة للتشخيص والعلاج، كما يوجد الآن 39700 مفاعل نووي يولد 15% من كهرباء العالم، فالإنسان روّض الذرة لخدمته ورفاهيته بعدما كان يخشاها؛ فاخترع الميكروسكوب الإلكتروني الذي يستخدم موجات الإلكترونات للكشف عن الأشياء الدقيقة بالخلايا الحية، وتصوير الفيروسات التي لا ترى بالميكروسكوبات العادية (الضوئية). واخترع التلسكوبات العملاقة التي تعمل بالرادار، وتتصنَّت على الأجرام بالسماء، وتصورها على مسافات لا يصل لمداها التلسكوبات الضوئية.
وتعتبر الكيمياء العضوية والتخليقية وليدة القرن العشرين، حيث صنعت المبيدات الحشرية لتزيد من المحاصيل، وصنعت مادة البلاستيك والفيتامينات والأدوية التخليقية والهرمونات الحيوانية والنباتية والمخصبات الصناعية، وأصبحت منتجاتها تدخل حياتنا كالنايلون والبلاستيك والعقاقير والمضادات الحيوية التي حمت البشرية من الأوبئة القاتلة.
ورغم جهل الناس بقوانين العلم وأسراره.. إلا أنهم اعتادوا على إنجازاته في حياتهم ومشاهداتهم وتعاملهم مع تقنياته، فلا ننسى أن العلم تغيَّر كثيرًا بعد عام 1940 نتيجة اشتعال الحرب، كما لا ننسى ما بين عامي 1956 و1971 عندما حدثت الثورة الخضراء التي ضاعفت إنتاجية المحاصيل الزراعية بفضل تطوُّر علوم الوراثة والكيمياء لمواجهة تزايد عدد السكان، وكان عام 1958 أول استنساخ للخلية النباتية، وقد قام باستنساخها العالم الإنجليزي (ف. ستيوارت) بجامعة (كورنيل)، وهذا الاستنساخ حسّن النباتات وراثيًا، سواء أكانت محاصيل زراعية أم نباتات زينة، فأنتجت فسائل نباتية مقاومة للأمراض والفيروسات والفطريات والملوحة. وهذه ضاعفت إنتاجية المحاصيل، ولا سيما محصول القمح العالمي. فهل يمكن تصور حياتنا بدون التقنيات التي دخلت فيها؟ فتصور كيف تكون بدون البلاستيك والتليفون وبطاقات الائتمان والكمبيوتر والقطارات والسيارات والطائرات والغسالات الكهربائية والثلاجات وغيرها، فالإنسان بالقرن العشرين أصبح كسولاً يسعى  للتكنولوجيا وإنجازاتها، حتى بات لا يستغني عنها لأنه كَيَّف نفسه وحياته عليها.
مستقبل التقدم العلمي و البحث العلمي في البلاد العربية مدونة لمعلوماتك
التقدم العلمي في البلاد العربية مستقبل مدونة لمعلوماتك


خلال القرن العشرين.. اختفي مرض الجدري من فوق الخريطة الصحية العالمية، كما انخفضت معدلات الإصابة بالسل (الدرن) والكوليرا والطاعون والتيفود وشلل الأطفال والزهري والسيلان. ويرجع هذا لتطور الأمصال واللقاحات والمضادات الحيوية التي حدت كثيرًا من انتشار الأمراض المعدية، وبعدما كان معدلها عاليًا في القرن الماضي، وأصبحت معظم الوفيات بالقرن العشرين بسبب أمراض القلب والشرايين والسرطان والفشل الكبدي أو الكلوي أو بسبب حوادث السيارات، وانخفضت بشكل ملحوظ الأمراض المعدية، ويرجع اكتشاف المضادات الحيوية للعالم الإنجليزي (فليمنج)، الذي اكتشف البنسلين عام 1929 ليكون أول مضادّ حيوي أحدث ثورة علاجية، بعده قلَّت الوفيات بالأمراض المعدية ليصبح معدلها من 1- 2% من عدد الوفيات بينما نجدها حاليًا 13% بسبب مرض السرطان، وكان لاكتشاف الأنسولين وأقراص علاج السكر في هذا القرن فضل بعد الله في إطالة أعمار مرضى السكر لسنوات طويلة بعدما كان يقضي عليهم في شهور أو سنة بعد إصابتهم به.
وشهد القرن العشرين أطفال الأنابيب والاستنساخ الحيواني والضجة العالمية بعد ولادة النعجة المستنسخة (دوللي)
بمعهد (روزالين) بأدنبرة لتصبح أول حيوان ثديي يتم استنساخه. وفي عام 1999.. قام فريق من جامعة (هاواي) باستنساخ 50 فأرًا بالمعمل، وقد تمَّت عملية الاستنساخ بتقنية مخالفة لتقنية النعجة "دوللي". وفي الصين.. قام علماء جامعة (وسكنونسون) بنسخ حيوان "الباندا" المعرض للانقراض، واقترحوا زراعة جينات "الباندا" في بويضات أبقار بعد تخصيبها بجينات "الباندا"، وزراعة هذه البويضات المخصبة بالجينات في أبقار كأمهات بديلة ليلدن أشبال "الباندا".
وعلى صعيد آخر.. نجد أن المناخ العالمي يؤرِّق البشرية، ولا سيما بعد عام 1988، عندما أظهرت أجهزة الكمبيوتر الخاصة خطورة زيادة درجة حرارة الكرة الأرضية بشكل ملحوظ، وهذا سببه التفجيرات البركانية، وزيادة انبعاث غاز ثاني أكسيد الكربون، وزيادة تدفق التيارات الشمسية، وتآكل طبقة الأوزون في أجواء القطب الجنوبي، وستصل أقصى مدى لزيادة درجة الحرارة بنهاية سنة 2000. وطبعًا زيادة الحرارة بسبب البراكين والتيارات الشمسية لا ذنب لنا فيه، لكن استنزاف الغابات والإفراط في استخدام النفط والفحم كوقود كان سببًا رئيسيًا ومؤثرًا في هذا الارتفاع في درجة حرارة العالم، وهذه الزيادة قد أثَّرت في البيئات الحيوية، ففي بريطانيا ظهرت حشرات كانت تتحاشى البرودة، ففي مقاطعة (كنت).. اكتشفت عقارب ظهرت لأول مرة، ويتوقَّع العلماء زيادة درجة حرارة الجو 1.5 درجة مئوية عام 2030 عن درجة الحرارة السائدة حاليًا، وهذه الزيادة ستجعل "القلنسوتين" بالقطبين تتآكلان وينصهر جليدهما، وهذا الانصهار سوف يرفع من مستوى مياه المحيطات، والارتفاع في درجة الحرارة سوف يسفر عنه جفاف قاس سيصل إلى مناطق حزام زراعة القمح الذي يعد الغذاء الرئيسي للبشر. وزيادة انطلاق ثاني أكسيد الكربون عما كان عليه بالقرن العشرين، مما سيؤدي إلى جعل الأرض كوكبًا ساخنًا، وهذا ما حدث في كوكب الزهرة من قبل.
وفي القرن العشرين.. شهدنا عصر الصواريخ الذي كان بداية لغزو الفضاء الخارجي، وقد بدأ عصر هذه الصواريخ عام 1938، وكان الصاروخ صغيرًا يزن 15 كجم، وأعقبه عام 1942 الصاروخ (ف 2)، وقد صنعه الألمان في أثناء الحرب العالمية الثانية، ويعتبر أول صاروخ ينطلق تاركًا الأرض. وهذا الصاروخ يعتبر نموذجًا متبعًا حتى اليوم لصنع الصواريخ والمركبات الفضائية، وقد بلغت سرعته 5800 كم/ ساعة، وكان يزن 125 طنًا.
وكان أول مختبر فضائي يلج الفضاء عام 1945 وارتفعت المسابر الفضائية تباعًا لفحص أغوار الكون والأشعة الكونية والنيازك، وكانت تحملها الصواريخ فوق متنها، وقد مهَّدت هذه المختبرات الفضائية تباعًا لإرسال مركبات فضائية فيما بعد، فحملت الحيوانات والبشر، وكان الاتحاد السوفيتي أول من أرسل قمرًا صناعيًّا عام 1957، حيث دار حول الأرض، وسمع إشاراته الناس من أجهزة الراديو، وبهذا حقَّق السبق الفضائي على أمريكا.
وكان "يورى جاجارين" الروسي أول من انطلق بقمره الصناعي ودار حول الكرة الأرضية عام 1961 ليكون أول رائد فضاء يخرج من نطاقها، وفي عام 1971.. دار أول مختبر حول كوكب المريخ، وليحط فوق سطحه، وأرسلت (مارينر) أولى الصور لكوكب عطارد عن كثب، ثم انطلقت المختبرات في المركبات الفضائية لاستكشاف أسرار الفضاء والكواكب والنجوم، فجعلت السماء كتابًا فلكيًا مفتوحًا.
يعتبر القرن العشرون أكثر القرون إثارة وإنجازات علمية غير مسبوقة، وملفه أكبر ملفات العلم؛ لأنه أكثر هذه القرون ديناميكية، ولقد ظهر بهذا القرن مرض الإيدز وحبوب منع الحمل وطعم شلل الأطفال والأنسولين وأقراص علاج السكر، لكن ما زال هذا الملف به مرض السرطان والإيدز والبحث عن شركاء لنا أحياء في الكون ليظل ملفًا مفتوحًا تحت القيد والبحث في القرن  
الحادي و العشرين
.

هل ستحدد تكنولوجيا النانو أو النانوتكنولجي خريطة التقدم العلمي في الفترة القادمة ؟؟

.

    تكاد الأوساط العلمية تُجمع على أن محرّك التقدم العلمي سيكون مرتبطاً بنسبة كبيرة بالتقدم العلمي في مجالين، هما: الهندسة الجينية، وتكنولوجيا الـ«نانو». ولما كانت الهندسة الجينية مرتبطة بشكل مباشر مع تكنولوجيا «النانو» (أي الأشكال المتناهية الصغر)، فإنه يمكن القول: إن تكنولوجيا الـ«نانو» هي التي تملك مفتاح التقدم العلمي للمستقبل بمقياس كبير، وهذا التقدم التكنولوجي سيغيّر معالم الحياة الإنسانية في هذا العالم تغييراً كبيراً، وإلى درجة قد لا نستطيع الآن تصور جميع أبعادها.

    أصل كلمة «نانو» يونانية، وتعني «القزم»، أما في الفيزياء فتعني بعداً صغيراً جداً يبلغ واحداً من المليار من المتر، أي جزءاً من المليون جزء من الملليمتر، أو بتعبير آخر فإن تكنولوجيا الـ«نانو» هي العلم الذي يتعامل مع أجزاء صغيرة لا تُرى بالعين المجردة، وتبلغ جزءاً من 80 ألف جزء من شعرة رأس الإنسان، وهو علم يقوم بأخذ الذرات والجزيئات وترتيبها بشكل دقيق وحساس لإنتاج منتج معين.

    فعندما كان الدكتور «إريك درسلر» Dr.Eric Drexler رئيس «معهد فورسايت» Foresight institute يدرس في «معهد ماساشوستس للتكنولوجيا Massachustts institute فكّر في أنه من الممكن تقليد النظم البيولوجية في الأحياء، وصنع أجهزة بحجم الجزيئات. وهكذا ظهرت تكنولوجيا الـ«نانو» من الناحية النظرية في الولايات المتحدة الأمريكية. ثم جمع هذا الباحث مقترحاته الخيالية في كتاب تحت عنوان «محركات الخلق» Engines of Creation ، وطبعه عام 1986م، وكان الإقبال عليه كبيراً.

    ولكن سبقه في هذا المجال عالم ياباني من جامعة طوكيو عام 1974م، هو «نوريو تانكوشي» Norio Taniguchi ، الذي يعد أول من وضع مفهوم تكنولوجيا الـ«نانو»، وهي تكنولوجيا أكثر تقدماً بكثير من التكنولوجيا الحالية المستخدمة في مختلف أنواع الصناعات، ومنتجاتها أكثر حساسية وأكثر متانة وقوة وأرخص وأصغر بكثير.
    اكتشاف وتطوير
    عندما اكتُشِف في بداية القرن العشرين أن أجزاء الذرة (كالإلكترونات مثلاً) تتصرف كموجة أحياناً، وكمادة أحياناً أخرى ظهر مفهوم «اللا تعيين»، وظهرت الميكانيكية الكمية بعد ظهور «النظرية الكمية». وبفضل هذه النظرية بدأ العلم يدرك طبيعة الذرات والجزيئات بشكل أفضل، ويدرك السبب في العديد من الخواص الكهربائية والمغناطيسية لأجزاء الذرات، التي لم يكن في الإمكان تفسيرها بالنظريات الفيزيائية الكلاسيكية (فيزياء نيوتن).

    وبفضل هذه النظرية ومعرفتنا بطبيعة الذرات والجزيئات بشكل أفضل تقدمت الصناعات الإلكترونية ولاسيما في الحاسبات الإلكترونية، وفي الصناعات البصرية المعتمدة على تكنولوجيا «الفوتونات»، كما تم استخدام هذه التكنولوجيا بنجاح في مجال الطب، وفي البحوث المتعلقة بجزيئات الحمض النووي (DNA).

    وبدأ الباحثون بتكثيف جهودهم لصنع أجهزة أصغر فأصغر؛ أجهزة تستهلك طاقة أقل وتملك سرعة أكبر وتحتاج إلى مواد أولية قليلة، أي بدأت الصناعة تقترب شيئاً فشيئاً من تكنولوجيا الـ«نانو»، وكلما تقلصت الأبعاد وصغرت ظهرت مواصفات جديدة وخارقة للمادة.

    وقد أُرسيت أسس تكنولوجيا الـ«نانو» في السبعينيات من القرن الماضي، وبدأ طرح منتجاتها في السنوات القليلة الماضية (2000م وما بعدها)، وهي تعمل في مستوى الذرات والجزيئات استناداً إلى النظرية الكمية في الفيزياء الحديثة.

    في هذا المستوى تبدو الذرات وكأنها «عاقلة»، وتُظهر خواصَّ لم يكن يتوقعها أحد أو يتخيّلها، وتقوم هذه التكنولوجيا بوضع أنظمة وعمل أجهزة في مستوى جزء من المليون جزء من الملليمتر الواحد.

    ففي مثل هذا المستوى تتحول المادة إلى سطح فقط دون عمق تقريباً، أي إلى حالة «مستوى» ببعدين، وتظهر خواصَّ خارقة، ولا تعود قوانين الفيزياء الكلاسيكية سارية، فمثلاً تتضاعف قابلية التوصيل ومتانة مادة الجهاز بعشرات ومئات المرات، وتتحسن خواصها الضوئية والكيميائية والإلكترونية والمغناطيسية.

    مميزات تكنولوجية

    كانت الصناعة حتى الآن تقوم بالتعامل مع الأجزاء الكبيرة لصنع أشياء أصغر، فمثلاً تقوم بقطع شجرة لصنع منضدة، وكانت تترك وراءها كمية كبيرة من المخلفات التي تُعد خسارة من ناحية وتلويثاً للبيئة من ناحية أخرى، بينما تقوم الصناعة التي تستخدم تكنولوجيا الـ«نانو» بتركيب ذرة مع ذرة وجزيء مع جزيء لصنع جهاز ما، مثلما تضع طابقاً فوق طابق عند بناء حائط أو بناية.. لذا فليس هناك أي ضياع في المادة ولا أي مخلفات تلوث البيئة، كما أن الأجهزة المصنوعة بهذه التكنولوجيا لا تحتاج إلى كمية كبيرة من الطاقة.

    وفي هذه التكنولوجيا يمكن تركيب ذرة مع ذرة مختلفة للحصول على خواص جديدة لم تكن موجودة سابقاً، فمثلا أصبح في الإمكان الآن صنع قماش يقوم بتصليح نفسه عندما يحدث فيه ثقب أو شق، وذلك بوضع مادتين في القماش لهما قابلية إظهار ردود فعل سريعة وتفاعل عند حدوث الشق أو الثقب!

    وتقوم الولايات المتحدة الأمريكية ببحوث مكثفة لصنع ملابس «عاقلة» للجنود، حيث تقوم هذه الملابس عند إصابة الجندي بجرح بتعيين مكان الجرح ومدى خطورته، وإرسال رسالة إلى المركز مع المعلومات الضرورية، مثل: نبض الجندي، ودرجة حرارة جسمه، وقياس ضغطه، ثم تقوم بإعطاء الدواء اللازم في جسم الجندي، وكذلك بتسليط ضغط على مكان الجرح لوقف النزيف، وإذا توقف نبض القلب تقوم بتدليك منطقة القلب لإعادة النبض.. ومع خفة وزن هذه الملابس إلا إنها ستكون بمثابة درع قوي ضد الرصاص.

    بدأت هذه التكنولوجيا حالياً بصنع أنابيب شعرية دقيقة جداً، إلى درجة أنها تستطيع الحلول محل الشعيرات الدموية الدقيقة المتضررة للدماغ.. فقد ظهر أن الكربون وبعض المعادن الأخرى عندما تُسخَّن إلى 1200 درجة مئوية تنفصل ذرات جزيء الكربون، وبعد التبريد تتكاثف هذه الذرات وتأخذ شكل أنابيب دقيقة جداً، ولكنها تكون أقوى مائة مرة من الفولاذ وأخف منه بست مرات، لذا فهي تكون صالحة جداًً لبناء الجسور والطائرات.

    صناعات متطورة

    وتشترك ساحات علمية وتكنولوجية عديدة في بحوث الـ«نانو»، منها الساحة الإلكترونية وتكنولوجيا المكائن، ومنها الفيزياء الذرية التي تبحث في صفات الذرات وصفات الأجزاء دون الذرية وخصائصها وبنيتها، ومنها علم الكيمياء لتوجيه التفاعلات الكيميائية واستخدام الإنزيمات لتسريع التفاعلات الكيميائية، ودراسة بنية الأجسام البلورية وما يحدث خلال عملية التبلور من أخطاء.

    وتجري حالياً  بحوث لصنع أجهزة إنسان آلي (روبوت) صغيرة جداًً يمكن إدخالها في جسم الإنسان بحيث تكون أصغر من مسامات الجلد، وتصل إلى دمه أو إلى أي جزء في جسمه، بحيث تُرسَل هذه الروبوتات إلى القسم المريض في الجسم أو إلى الخلايا السرطانية للقضاء عليها بما تحمله من علاج، لذا فلا تبقى هناك حاجة للعمليات الجراحية بالمشرط.

    وشيء آخر يُؤمل صنعه، وهو أن هذه الروبوتات الصغيرة تقوم بصنع روبوتات مثلها حسب برنامج معين وبأعداد كبيرة جداً.. كما يمكن صنع ملابس خفيفة وعازلة للحرارة ولا تحترق لرجال المطافئ.. ويمكن بهذه التكنولوجيا صنع أقراص مضغوطة (CD) لها قابلية استيعاب ضخمة جداً.

    أما أجهزة الحاسب الإلكتروني (الكمبيوتر) المصنوعة بهذه التكنولوجيا فستكون بحجم صغير جداً؛ لا يتعدّى السنتيمتر المكعب، ولكن سعتها وقوتها تكون بقدر مجموع جميع الحاسبات الإلكترونية الموجودة حالياً.

    طائرة عاقلة بدون طيار!

    وقد كلفت وكالة الفضاء الأمريكية (ناسا) العالم التركي «البروفيسور إلهان آقصاي»، الخبير في تكنولوجيا الـ«نانو» المقيم في الولايات المتحدة، بمشروع طموح سيستغرق سنوات عديدة، وهو مشروع صنع طائرة «عاقلة» تطير دون طيار، وتستطيع إن سقطت على الأرض القيام آلياً بتصليح نفسها والطيران مرة أخرى.

    وقد تحدّث هذا العالم التركي في مقابلة صحفية عن السر وراء تقدم الولايات المتحدة الأمريكية في هذه التكنولوجيا، فقال: «إن القطاع الخاص عادة ما يقوم بتمويل أبحاث لمشاريع تؤتي ثمارها بعد خمس سنوات على الأكثر، ولا تصبر أكثر من هذا، بينما تحتاج مشاريع تكنولوجيا الـ( نانو ) إلى سنوات أكثر تتراوح بين20 و30 سنة، لذا تقوم الحكومة المركزية للولايات المتحدة الأمريكية بتولي هذه المهمة، وتمويل هذه المشاريع ذات المدى البعيد، لأنها تبحث عن جواب لسؤال: كيف أستطيع أن أكون أكثر قوة بعد عشرين عاماً؟».

    ثم يعود هذا العالم فيذكر وجود تلاؤم وتناغم بين جهات ثلاث في الولايات المتحدة الأمريكية في مجال البحوث العلمية والتكنولوجية وتطوير وسائل الدفاع، وهي: القطاع الخاص، والجامعات، والحكومة.. وقد خصصت الحكومة الأمريكية في عام 2003م لأبحاث الـ«نانو» 600 مليون دولار، وخصصت حكومة اليابان في السنوات السابقة 500 مليون دولار سنوياً لهذه البحوث، وتزداد هذه المبالغ من سنة لأخرى.
    مستقبل الأمم
    ويعني هذا أن هناك سباقاً بين الأمم المتقدمة في هذا الموضوع الحيوي، الذي سيقرر ترتيب الأمم في سلم التقدم لعقود عديدة، وسيحدد مستقبلها وثقلها في الساحة الصناعية والاقتصادية والسياسية، وسيغير نمط حياتنا الاجتماعية من وجوه عديدة، لأن هذه التكنولوجيا ثورة علمية وتكنولوجية كبيرة تفتح آفاقاً رحبة أمام من يملك مفاتيحها. وهي ثورة صناعية جديدة، بما يتبعها من نتائج إيجابية إن تم استخدامها في المجال الإنساني، وقد تكون مصدر شرور إن استُخدمت في ساحة الحرب والدمار.
    وقد أشار لهذا «بيل كلينتون» رئيس الولايات المتحدة السابق عندما قال: «إن تكنولوجيا الـ« نانو » هي التي ستحدد في السنوات المقبلة أهم الفروق بين الدول المتقدمة والدول النامية».
    فالصناعات التي تستخدم الطرق والأساليب الكلاسيكية الحالية سيتم القضاء عليها من قِبَل الصناعة التي تستخدم تكنولوجيا الـ« نانو »، لأنها ستكون أفضل منها، وأرخص وأقل استهلاكاً للطاقة وللمواد، وأكثر نظافة لأنها لا تلوث البيئة، وأكثر متانة وقوة منها بمئات المرات.

    مثلاً ستكون أجهزة الحاسب الإلكتروني (الكمبيوتر) آنذاك أقوى بمئات الآلاف من المرات من أقوى الأجهزة المستخدمة حالياً، وأصغر وأكثر سرعة منها بكثير، بحيث يمكن وضعها في جيب السترة، لأن حجمها سيكون بحجم سنتيمتر مكعب واحد.

    أي إن الصناعات التي تستخدم تكنولوجيا الـ«نانو» ستمحو من الأسواق جميع الصناعات المنتجَة بالتكنولوجيا الحالية، وستقضي عليها قضاءً مبرماً.

    كما ستُحدِث ثورة كبيرة في مجال الأسلحة والتسلح، مما سيقوّي أيدي الدول التي تملك هذه التكنولوجيا (وعددها قليل جداً حالياً)، بينما لا تملك الدول الأخرى سوى الرضوخ السياسي والاقتصادي والصناعي لها، لأن من الممكن صناعة أسلحة فتّاكة بحجم النمل، وربما أصغر، تقوم بمهاجمة مواقع الأعداء بأعداد كبيرة وتدميرها.

    * ناقوس خطر للمسلمين
    ونحن هنا ندق ناقوس الخطر، فإن لم تبدأ الدول الإسلامية، وبسرعة، جمع كفاءاتها الموجودة في الدول الغربية (وعددهم كبير) في هذا المجال، واستخدامهم وتيسير سبل البحث أمامهم، وتمويل هذه البحوث بملايين الدولارات، فإن هناك مستقبلاً أكثر ظلاماً من الوضع الحالي، وأخطر بكثير؛ إذ قد تصل إلى مرحلة العبودية الكاملة للغير، لأنها ستُضطر اضطراراً للركوع أمام هذه الدول التي تستخدم هذه التكنولوجيا، ومنها «إسرائيل» التي بدأت الأبحاث في هذا المجال.
    وقد بدأت تركيا هذه الأبحاث، وفيها كفاءات جيدة في هذا المجال الجديد من التكنولوجيا، ولكن الحكومة التركية لا تملك القدرة المالية التي تستطيع بها تخصيص التمويل الكافي لهذه الأبحاث. وإن باكستان أيضاً مؤهلة في هذا المجال، لأنها تملك علماء كباراً في العلوم الذرية والنووية، وتملك مصر أيضاً مثل هذه الكفاءات.
    لذا فالحل يكمن في تشكيل هيئة علمية من العلماء المسلمين، وتوفير المختبرات العلمية لبحوثهم في هذا المجال، وتمويل المشروع من قِبَل دول الخليج الغنية. ومنظمة المؤتمر الإسلامي وجامعة الدول هما الجهتان المؤهلتان لتنفيذ هذا المشروع الحيوي، وستكونان مسؤولتين أمام الله وأمام الشعوب الإسلامية وأمام التاريخ إن أهملتا هذا الموضوع.
و هكذا من خلال مناقشتنا لموضوع التقدم العلمي و تاريخه في القرن الماضي و ما نتوقعه من مستقبل للبحث العلمي و التقدم و التطور العلمي و التكنولوجي في القرن الحادي و العشرون  سنجد أن المنافسة أمامنا شرسة جداً و يجب أن نضع العلم و أهمية التقدم العلمي في أولى اهتماماتنا أكثر مما نضع المطربين و المغنيين و الممثلين و لاعبي الكرة من الرياضيين و غيرهم 
يجب أن نولي اهتمامنا بالعلوم الحديثة و التقنيات المتقدمة و نوفر لها البيئة الملائمة للنمو و التقدم و التطور مستقبل التقدم العلمي لدينا يكاد يكون منعدم جداً و حاله لا يسر أحد و لدينا الإمكانات و الطاقات و لكننا لا نحسن استغلالها بشكل جيد و لدينا الكوادر التي تهاجر و تترك البلد لتعمل في الخارج و تفيدهم بابداعاتهم و اكتشافاتهم و نحن أحق أولى لأنهم أبنائنا 
يجب أن نوفر الميزانيات المناسبة التي تحتاجها مشاريع التطور العلمي في بلادنا 
و إلا فلا نلوم إلا أنفسنا عما فاتنا و لما سنصل له من انحدار و تدني و تراجع و تخلف عن ركب التقدم و التطور 

تعليقات

5 تعليقات
إرسال تعليق
  1. شكرا جزيلا وجزاك الله خيرا

    ردحذف
    الردود
    1. جزاكم الله خيرا و اتمنى تكون استفدت من الموضوع

      حذف
  2. سبحان الله

    ردحذف
  3. كلام جميل جدا وبالمستطاع تحقيقه لكنه غير ممكن في ظل الواقع الحالي للدول العربية والأسلامية عموما ومعظم دول العالم الفقيرة , بالنسبة لما يسمى بجامعة الدول العربية ومنظمة الموْتمر الأسلامي ودول الخليج الست ومعظم دول المنطقة واسرائيل كانوا نتاج السياسة البريطانية بالمنطقة لأحكام السيطرة عليها في مواجهة المارد الأمريكي القادم المتعطش للسيطرة والهيمنة على دول وشعوب وثروات العالم عن طريق الأستعمار الجديد غير المباشر والمباشر احيانا اخرى ان لزمت الأمور تحت شتى الذرائع الحجج الواهية الوهمية وعن طريق اجهزتها الأعلامية وسيطرتها على اعلام الدول الراضخة والخانعة لها, وقد قامت بريطانيا بتأسيس الجامعة العربية بعد خسارتها الحرب العالمية الثانية امام امريكا لمحاولة تثبيت مستعمراتها باتفاقية سايكس بيكو سابقا ومقتنياتها عن طريق عملائها وعبيدها بالمنطقة امثال فاروق وعبدالله ونوري السعيد وعبد العزيز وغيرهم ولفصل وابعاد العرب عن العالم الأسلامي لأضعاف العرب والمسلمين على حد سواء امعانا في التشتيت والفرقة ونشر نعرة القومية العربية ونعرات القوميات عموما والوطنية الجوفاء التي لا تسمن ولا تغني من جوع, واسست بريطانيا الموْتمر الأسلامي كغطاء وامتصاص لنقمة المسلمين على اسرائيل ولتمرير دسائسها على الأسلام والمسلمين وباسمهم وتحت سمعهم وابصارهم لكن سرعان ما سيطرت امريكا على هذه المنظمة عن طريق آل سعود بعد تحولهم بعمالتهم لصالح امريكا بعد قيام امريكا بقتل فيصل الأنكليزي الولاء وقامت بريطانيا بالرد بتأسيس الأتحاد العالمي لعلماء المسلمين برئاسة القرضاوي الأنكليزي الوفي الأمين, ومازال هذا الوضع قائما ومستمرا لحد الآن بالعبودية والركوع والتبعية والعمالة للغير وعليه لايمكن تحقيق ماذكر بالتقرير الا بالتغيير الحقيقي الكلي وليس بتغيير الجزئيات والشكليات والأشخاص والصور والمسميات الطنانة الرنانة الفارغة. منذ قديم الزمان منذ زمن ادم عليه السلام على سبيل المثال عرف الأنسان التعدين وهي عملية بسيطة وعلى بدائيتها وبديهيتها وكثرة المعادن طبيعيا بالأرض فأي دولة عربية مسلمة تفوم بالتعدين وصناعة التعدين والصناعات القائمة على التعدين وصناعة الصناعة والمصانع للأسف لا يوجد ولن يوجد ابدا مادام الوضع الحالي قائما بلا حول ولا قوة لأنه ممنوع وغير مسموح بالنهضة الحقيقية الا لسادة العالم والا فلا سيادة لهم.

    ردحذف
  4. mes mirci boucou

    ردحذف

إرسال تعليق